عودة العندليب
في ذكرى النكبة يُسمع رنين المعدن في الذاكرات القديمة التي رغم قِدمها لا تبهت أبداً، تتبدى الحبال الذائبة حول الرقاب الناصعة الطرية متدلية بتلك القطع المعدنية الصدئة التي كانت ذات يوم مفاتيح لأبواب خشبية عريقة، أبواب ما زالت موجودة لبيوت ما زالت موجودة، موجودة في الذاكرة والوجدان والتاريخ والمشاعر والإيمانيات والمبادئ، موجودة بقوة وثبات أكبر مما لو كانت موجودة مادياً بطابوق وتراب وخشب وزجاج. في ذكرى النكبة تحن القلوب …
«هي أشياء لا تشترى»*
كنت أستمع قبل أيام لمحاضرة مسجلة حول تاريخ الدخول في الإسلام، تحديداً في زمن النبي وما بعد زمن النبي بفترة قصيرة، حيث تكلم المحاضر عن فكرة الدخول الجمعي في الدين الإسلامي وعن دلالات هذا الفعل من حيث حقيقية إيمان هذه الجموع أو ثبات قناعاتهم بالدين الجديد آنذاك. بكل تأكيد، فإن الطبيعة التبشيرية للدينين الإسلامي والمسيحي وما يتبع هذه الطبيعة من ضرورة الحث والدفع بدخول الناس للدينين، أحياناً سلمياً وأحايين …
حب المراهقة
مثل المسلسلات اللاتينية الملحمية، مثل البطولات التراجيدية غير الكلاسيكية، بل تلك السطحية الكاريزماتية الجاذبة الشرسة، مثل روايات عبير التي كنا نسربها إلى غرف نومنا ونحن مراهقات خفية عن أهالينا وكأنها مخدرات خطرة، مثل المسلسلات التركية العاطفية مئوية الحلقات، هكذا كان مسلسل «جعفر العمدة» الذي وقعت الشعوب العربية في حبه بمراهَقة وشغف. لست هنا أنتقد المسلسل حقيقة من حيث «رسالته الفنية»، فالدور الوعظي والفرض الأخلاقي الذين يتوقعهما المنظِّرون حين تقييمهم …
فساد خفي
ممارسات فاسدة صغيرة يومية، ممارسات لربما غير محسوسة بشكل مباشر، إلا أنها في تجمعها وتكومها اليومي تصنع هرماً كريه الرائحة، تبني سداً صلداً قبيحاً أمام التقدم المدني والتطور الإنساني. في زيارتي الأخيرة لمصر لاحظت ترسب هذه الممارسات اليومية تماماً كما ألاحظ ترسبها في الكويت، تختلف الأنماط ويبقى أثر الفساد واحداً. تتكوم الممارسات التي تبدو صغيرة ومتفرقة وخفيفة الأثر، لتنمو وحشاً كاسراً أمام الحياة الإنسانية الطبيعية، أمام نظام إداري قادر …
في الضغائن وخيبات الأمل
تنطوي الصفحات أحياناً دون أن نشعر، تُغلق أبواب وتُعلن نهايات ونحن بعد، بكل سذاجة، نتصادم والأبواب ظناً أنها ستنفرج، ونستمر في «المشي» في القصة غير قادرين على تصديق نهايتها التي حلت قبل الأوان. لربما ينطوي قِصر عمر الإنسان، المحدد تقريباً بمعدل ثمانين سنة، على جانب رحيم يقنن مع سنوات العمر عدد تجاربه وكمية آلامه وأوجاعه. لو كان مقدراً لنا أن نعيش ثلاثمئة سنة على سبيل المثال، وهو احتمال قائم …
نريد حلاً للحل
يقول محمد تيسير في مقال له على موقع رصيف 22 بعنوان «نحن والتطرف» إنه «وإلى يومنا هذا، ما زالت النظرة الكلاسيكية إلى الدين هي ذاتها، بل إن تراكم الأزمات والانتكاسات زاد من الأمر تعقيداً، وأظهر حالات غريبةً كـ «مجاهدي السوشال ميديا» الذين يجدون قيمة الحياة في تهديد الآخرين، وفرض الوصاية الدينية على آرائهم…». وفي حين أن مقال تيسير قدم تحليلاً للهجوم العنيف الذي تعرضت له الفنانة رشا رزق على …
الرجل «الرائب»
في خبر جديد ثوري الفحوى أليم التفاصيل، تمت مهاجمة سيدتين في أحد الأماكن العامة في إيران بسكب اللبن الرائب على رأسيهما بسبب خروجهما سافرتين بلا حجاب. المثير في الأمر أن السيدتين تعرضتا للاعتقال بسبب مخالفتهما لتغطية الرأس دون ورود أي خبر حول مهاجمهما الحقير، أعتذر عن قسوة التعبير هذا والآتي منه كذلك، والذي تظهر صفة حقارته جلية في الفيديو المنتشر له وهو يطال بيديه رأسي السيدتين بعنف وتكرار لضمان …