إبادة
لا يقتل فكرة ما مثل التشدد في تطبيقها، فردة الفعل الإنسانية الطبيعية هي مقاومة الفرض والتشدد وإن أتيا ليتوافقا وتوجهاته. فالإنسان، مهما بلغ تدينه والتزامه، ما إن يشعر بأن الدين اتخذ وجه وجسد إنسان آخر يأمره وينهاه ويتسلط عليه، حتى يبدأ بالتململ الذي لا يلبث أن يتحول إلى مقاومة، ومن ثم إلى صراع دامٍ.
والمتشدد هو أكثر من يهاب الدين، يتعامل معه على أنه منظومة عقابية، سلسلة من الأوامر والنواهي …
ليان
تتعلق الغصة في حلقك وكأنها حصاة محشورة، تفتح باب السيارة فتلفحك رائحة، لا ليست رائحة عفن وقاذورات فحسب، بل هي رائحة الفقر والأسى، خليط من روائح لنفوس هزمت، وقلوب كسرت وطفولة فقدت. تتقدم وأنت متردد، لا تريد أن تواجه عذاباً طالما شاهدته خلف شاشة التلفاز يحميك منه، يبعدك دهوراً عنه، والآن ها أنت تواجهه وضميرك الذي صحا بعد غفو طويل جميل. يتراكض نحوك الأطفال، أسمال بالية ووجوه ملطخة، هذه …
أنا باقية
هي تبحث عن وطن جديد، وأنا أبحث عن وطني من جديد، هي حزمت أمرها، وأنا بعثرت أمري على قارعة الطريق، هي تبحث عن مستقبل ما في مكان ما، وأنا أبحث عن الكويت في مستقبل ما. هي تعبس للنهايات وأنا أبتسم للبدايات. هي ترفع راية الاستسلام البيضاء وأنا ألوح بأصابعي علامة النصر، تضحك هي مني: “أنت بلهاء”، فأجيبها مناكفة: “ربما، لكنني سعيدة كذلك”.
أنا سعيدة لأنني أدرك صغري اللامتناهي في هذا …
أصنام في الكويت
وهل ننكر؟ موجودة هي الأصنام التي أتى على ذكرها النائب محمد هايف ومنتشرة في كل مكان، هذه الأصنام التي تقف شاهقة، تنتظر بطلاً قادماً على صهوة حصانه، هابطاً بفأسه الكبيرة على الرؤوس الصخرية الصغيرة، فيحطمها ومعها كل التابوهات والخرافات والتطرفات الفكرية.
طبعاً موجودة، وأثني على استغراب النائب هايف سكوت الحكومة بل الشعب الكويتي على وجودها. أكبرها يقف في مجلس الأمة، بيت الشعب، وضعها هناك بعض أفراد الشعب بحد ذاتهم، أصناماً …
عليَّ وعلى أعدائي
الدكتور عبيد الوسمي يمثل نموذجاً غاية في الأهمية اليوم، نموذجاً يجب، أكثر ما يجب، على الحكومة أن تدرسه وتستوعبه. الدكتور الوسمي، عندما سمعت عنه في البداية، ثم عندما تبادلت معه الحديث مرة أو اثنتين، آخرها كان عندما اتصل بي ليطمئن بعد أحداث العنف في تيماء ضد «البدون»، عرفته رجلاً سمحاً طيب القلب، متواضعاً، وأكاد أقول رقيق اللفظ خافته. فما الذي حدث لينقلب الدكتور في منهجيته وتوجهه وخطابه من رجل …
حتى لا نتسلّق
كل إنسان يدعو إلى الدولة الدينية، مع الاعتراض على التعبير بحد ذاته واستخدامه تجاوزاً، هو إنسان طائفي بحت. أولاً، لا وجود فعلياً للدولة الدينية، فالبشر لا الدول هم الذين يتدينون، لذا عندما نقول دولة دينية، فنحن في الواقع نصف إيديولوجية الحاكم أو المشرع ولا نصف الشعب بحد ذاته، كما أننا بكل تأكيد لا نصف الشوارع والمباني التي تشكل الدولة بصورتها الملموسة، وهنا أنا أستخدم التعبير مجازاً لأشير إلى المشرع …
زعلنا أخيراً؟ يا ألف نهار أبيض
كان يجب أن نصاب بالفزع مبكراً، منذ زمن بعيد، فالفزع الآني على حس المطالبات بتعديل المادة الثانية من الدستور كوميدي، فزع بأثر رجعي، مثلنا كمثل من حرق إصبعه وصرخ يتأوه بعدها بشهر.
ما الذي يخيف في تعديل المادة الثانية من الدستور؟ فبنصها كما هو الآن هي تبيح بل تشجع على التشريع الديني ما أمكن، فقطع اليد والرجم لم تمنعهما المادة الثانية بنصها الحالي، كل ما هنالك أنه لم يسبق أن …