أنا أتنفس حرية
أنا بتنفس حرية ما تقطع عني الهوا
لا تزيدا كتير عليّ أحسن ما نوقع سوا”… (جوليا بطرس).
أسحب النفس، شيء مثل الرطوبة الدهنية الثقيلة ينزلق في رئتي، أفتح فمي على اتساعه، أسحب شهيقاً أقرب إلى صرخة مكبوتة، صفرة مريرة تدخل مع الهواء القليل الرطب المنزلق إلى جوفي. أيتها الحكومة، أيتها القادمة من جوف سالفاتها، يا من تدفعيننا برمضائك دفعاً إلى أحضان نار المعارضة، ألا يكفيك ما فعلت بنا؟ شلل وتراجع وتنمية …
فزورة
عندما تتناقض المواقف وتتضارب الأقوال والأفعال وبعد كل ذلك يبقى التأييد والاصطفاف، عندها يصبح الموضوع تقديساً لأشخاص وليس لمواقف، يصبح الموقف تكتلا عنصريا لا توافقا مبدئيا. المرة تلو المرة، تظهر المعارضة الجديدة أنها تريد الناطور لا العنب، فلا تتسق الأقوال والأفعال، وتتغير المواقف بحلول ليل أو طلوع نهار. وها هو حكم المحكمة الدستورية الذي كانت المعارضة ترفضه من حيث المبدأ، يُحمد ويُشكر ويُستخدم للتعريض بالطرف الآخر.
أليس هذا مريباً؟ كيف …
دوائر
مع مرور الوقت على بدء عملي المنظم الممنهج في قضية “البدون” من خلال “جمعية حقوق الإنسان” وبعدها مع “مجموعة 29″، اكتشفت سراً خطيراً حول طبيعة الخطة الحكومية في التعامل مع القضية، وإن لم أفهم تحديداً طريقة التنفيذ، فتعقيد التنفيذ هو في الواقع بحد ذاته جزء من الخطة المحكمة. تلك هي خطة الدوائر، بسيطة وقديمة قدم الزمان، ولشدة بساطتها وعفوية منطقها لا تكاد تراها خطة أصلاً. ببساطة هي كالتالي: كلما …
حمامة
كعادتنا، دائماً ندخل، عرباً ومسلمين، معارك خاسرة، نحارب بأسلحة منتهية صلاحيتها، نحب منها ما يقعقع بصوت عالٍ، فنشد السيوف لأنها تبرق وتصلصل، ونأنف عن المسدس الحديث لأنه كاتم للصوت، فنحن “ظاهرة صوتية” كما يقول عبدالله القصيمي، يبهرنا الصراخ وتجذبنا الكلمات الخاوية الرنانة، ليس المهم معناها أو فحواها أو حتى الناتج عنها، المهم أنها مرتفعة طنانة، تشفي هذه المشاعر المتأججة في دواخلنا دون استجابة لمنطق أو حكمة.
شاهدت أول ثلاث دقائق …
اشتقنا إلى النور
أوجعتني ختمة مقال الزميلة الرائعة لمى العثمان ليوم الجمعة السابق حيث تقول “لا داعي لزيارة المتاحف في بلاد الأنوار، فلدينا متاحف حية نعيش داخلها”. والموجع كثيراً ليس معرفة هذه الحقيقة، فالمعرفة توصل إلى التعامل معها والتغلب عليها، ولكن الموجع هو غيابها، خصوصاً عن الكثير من النشء الذي من طول ما أقام في المتحف تحول إلى قطعة أخرى أثرية على رفوفه تستحرم التفكير.
إلا أن اللوم لا يقع في جله ولا …
فلفل
للسُلطة طعم رائع، تلك حقيقة لا يمكن إنكارها، أن تكون في صفوف القوة، أن تملك زمام الشارع، أن يتجاوب الناس مع إشارة منك، أن تُسقط رئيس وزراء، أن تضع حكومة كاملة على أطراف أصابعها، لكل ذلك لذة كما لذة “الشطة” الحراقة، ما إن تجربها مرة حتى تتعلق فلا تكاد تحتمل المذاق بلا حرقتها وإثارتها. وعليه فأنا أعتقد أن الأغلبية والشباب الناشط معها، في عدد جيد منهم خصوصاً من الشباب، …
ساهر مع آخر التاريخ
للفن قداسة تميزه عن كافة أنواع التراث الإنساني، الفن رأي، ولكنه رأي إبداعي، ترفع عنه طبيعته كل قيد، الفن حر، لا حدود لحريته، وهو حر حتى في أن يكون متحيزاً، عنصرياً، بل ركيك الصنع، كذا هو الفن، يحميه إبداعه ويحرره من المقاييس والقيود. إلا أن الفن كغيره من أي نتاج إنساني يرضخ للنقد ولا يستطيع تجاوزه، نقدا يقيم العمل الفني ولا يكبله أو يمنعه أو يحجر عليه.
وانطلاقاً من هذه …