كفى إهانة
ليس هناك حلول وسط في هذا الموضوع، وليس هناك منتصف مسافات نمشيها، لقد سكتت المرأة الكويتية عن حقوقها دهراً، فلطالما تأجلت قضاياها، ولطالما وضعت مطالبها على رفوف الانتظار وتخزنت في أدراج المواضيع غير العاجلة، حتى إنها كلما فتحت فاها قيل لها هناك ما هو أهم، ألا تنتظرين “احنا وين وأنت وين”؟.
يجب وبسرعة قصوى، بل في التو واللحظة أن تتساوى المواطنة الكويتية مع نظيرها المواطن الكويتي في كل الحقوق، كما أنها تتساوى معه في الواجبات وفي العقوبات، فكما أن المواطنة التي تتجاوز الإشارة الحمراء لا تدفع نصف مخالفة بل تدفعها كاملة، فهي تستحق المواطنة الكاملة غير المنقوصة، والتعديل الوحيد المرضي في رأيي فيما يخص قانون الجنسية وفي هذه الجزئية تحديدا هو أن يتحول نص المادة (2) منه والذي يقول “يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي”، ليصبح “يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي أو أم كويتية”، وأي حل أقل مساواة هو غير مقبول على الإطلاق.
ولقانون الجنسية مثالب كثيرة، وهو قانون يتفكك قبل أن يتركب من حيث إعطائه سلطة مطلقة لوزير الداخلية في قرار التجنيس النهائي، وبالتالي، وبادعاء من سيادة الموضوع، هو يحرم الأشخاص من التقاضي، وهو قانون مجحف إنسانياً بحق المرأة وبحق غير المسلم، وفيه من المثالب المعطلة دستورياً الكثير، ولكن في جزئية المرأة، لن يكون مرضياً سوى هذا التعديل القاطع العادل، للمرأة مثل الرجل، لها ما له وعليها ما عليه.
أما الاقتراح بقانون المقدم من السيد عدنان عبدالصمد ود. خليل عبدالله في شأن تجنيس أبناء الكويتيات والذي يستخدم أسلوب النقاط في تقدير المستحق من أبناء الكويتية للجنسية، فهو قانون يمعن في إهانة المرأة، ويعود إلى تقييمها على أساس رابط الدم لا المواطنة، فأعلى النقاط يتحصل لمن والدها وجدّها لأبيها كويتي الجنسية. لا أفهم لمَ على المرأة الكويتية أن تمر بهكذا منهجية مهينة لكي تتحصل على ما يكفله الدستور الكويتي والمعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها وصادقت عليها الكويت والعرف الإنساني والمنطق لها؟ وكيف تختلف الحال عما هي عليه الآن إذا ما طُبق هذا القانون المؤذي بالنسبة إلى المرأة الكويتية التي لا يزال تقييمها من خلاله عائداً لرابطة الدم؟
لا، لم تعد حجة ضرورة تقديم اقتراح مقبول، و”شيء أحسن من لا شيء”، ولا تصعبْنَ الأمور وكنَّ واقعيات، لا، لم تعد هذه الحجج بل هذه التهديدات المبطنة بناجعة، يجب ألا تقبل المرأة الكويتية بأقل من مواطنتها الكاملة، ويجب ألا ترضخ لروابط الدم الذكورية الغابرة التي ما زالت تقيم بها. كفى إهانة واحتقاراً للمرأة التي يجب أن تعاني الأمرين بتغريب زوجها وأبنائها عنها، بتفتيت أسرتها بل بإهانتها عند المراجعة في هذا الشأن، حيث غالباً ما يأتيها تعليق من مثل “ومن أجبرك أن تتزوجي غير كويتي؟”.
ومن أجبر الرجل، هذا الذي يتجنس أبناؤه أوتوماتيكياً، وتجنس زوجته بعد وقت قصير؟ وهنا أقول نِعم الحق للرجل، هكذا يجب أن تتصرف الدولة لتحمي الأسرة ولتقيم أود كيانها، وأسرة المرأة ليست بأقل أهمية من أسرة الرجل، ونعم، مثلما يجنس أبناء الرجل يجنس أبناء المرأة، ومثلما تجنس زوجة الرجل، يجنس زوج المرأة، ولا مثقال ذرة يختلف بينهما في هذا الحق الدستوري والإنساني الأصيل. فإن كان ولابد، ممكن وضع ضوابط ورقابة زمنية لضمان استمرار الأسر وغياب المصالح عنها، بحيث تطبق هذه الضوابط بعين المساواة التامة على أسر الرجال والنساء الكويتيين، دون أدنى تمييز أو تفصيل. يجب ألا نقبل بأي صياغة أقل، ويجب ألا نرضخ، ويجب ألا نهدد أو نؤنب، كفى إهانة كفى.