«الشيطان ما ماتش»
لا تشكلوا تحالفاً سيبدو للشباب (وهو صراحة كذلك) تحالف حكومات ضد شعوبها، وأن الأنظمة الحاكمة بحكوماتها وجيوشها تعزل نفسها عن الشعوب، فننقسم نحن وأنتم، نحن أكثر عدداً، أنتم أكثر قوة، «بس الكثرة تغلب الشجاعة» ولربما القوة، والنصر في النهاية للشعوب مهما طال الزمن.
بمناسبة فالنتين، وما يشيعه في العالم من حب وغرام، أقول لكم، حكوماتنا الخليجية: كل عام وأنتم بخير، واذكروا الله والطيب أحسن، نزلوا الاتفاقية الأمنية، السلاح ممكن يطول و”الشيطان ماماتش”.
قد لا يبدو أن لي الحق في مخاطبة كل الحكومات، لكن بما أنكم تجبرون أمننا على الاختلاط، فلابد من الخطاب المختلط كذلك. قبل كل شيء، أطلب من كل واحد من أعضاء حكوماتنا الموقرة أن ينظر في بيته وبين أولاده وفي بيوت من يعرفهم وفي أحوال أبنائهم.
نمط الأولاد الذي يقبلون الرأس وينكبون على الأيادي قائلين “على أمرك يبا” قد انتهى خلاص، وكل وقت وله أذان. الجيل الجديد الذي أرسلتموه يتعلم في “بلاد بره” لن يعود لكم مخاطباً إياكم بـ”يا طويل العمر” ولن “يشيل المرق بشليله”، هو جيل يعتقد أن المرق مرقه وأنه يجب أن يقدم له في صحن من فضة والمنّة على من يقدمه.
الموضوع منطقه بسيط، الوقت غير الوقت، وما كان يسري في الماضي لم يعد ينفع للحاضر، تلك حقيقة نراها في بيوتنا ونحتك بها يومياً عن طريق أبنائنا الذين يذكروننا بها في حواراتهم وعنادهم ومنطقهم الجديد. لقد تغير مفهوم المواطنة عند الجيل الجديد، تغيرت المعادلة بين المحكوم والحاكم عنده. هو جيل كبر على أميركا تحاكم رئيسها علناً، جيل شهد سقوط حكومات غربية على أدناه تقصير، جيل شاهد كيف يحكم الشعب حكوماته، وكيف تعمل الحكومات عند شعوبها، جيل ما عاد ينفع معه تهديد أو وعيد أو حتى تذكير بالكبير، خلاص، جيل ما ينفع معاه طب.
لذلك، أنا أقول، ويشهد الله أني لا أريد سوى الخير لكم ولنا، بلا منها هذه المعاهدة الأمنية، لا تصحوا المارد في قمقمه، لا تضغطوا على جيل مضغوط جاهز، فوق صعوبات حياته وخيبات آماله، هو يشهد على الغرب المتطور الذي يغيظه من بعيد لبعيد. لا تشكلوا تحالفاً سيبدو للشباب (وهو صراحة كذلك) أنه تحالف حكومات ضد شعوبها، أن الأنظمة الحاكمة بحكوماتها وجيوشها تعزل نفسها عن الشعوب، فننقسم نحن وأنتم، نحن أكثر عدداً ، أنتم أكثر قوة، “بس الكثرة تغلب الشجاعة” ولربما القوة، والنصر في النهاية للشعوب مهما طال الزمن، لذا، من الأصلح أن تكونوا مع الطرف الرابح من البداية، طرف شعوبكم.
إلغوا هذه الاتفاقية الأمنية، لا تفتحوا باب جهنم، لا تستفزوا الناس وتشعروها أنها مهمشة ومسيطر عليها ليس من حكومة واحدة، بل فوق رأسها كل حكومات الخليج مجتمعة، لا تحولوا شعورنا بالأمان ونحن نتنقل بين بلدان الخليج إلى الشعور بأننا مذنبون، حتى ولو لم نأتِ شيئاً، فوجود هذه الاتفاقية يفتح باب مراقبة وتهديد سيوسعان الهوة بيننا كشعوب خليجية وبيننا كحكومات وأفراد. إلغوا هذه الاتفاقية، قبل أن يتأخر الوقت وتقع كارثة لا يحمد عقباها. نحن شعوب تقدر بعضها بعضاً وتحب حكامها وترتبط بهم بمشاعر الولاء وتنظر إليهم بمنظور فخر واعتزاز، “حلوين هكذا، والقناعة كنز لا يفنى”.