هذا ما نريد
في منتصف أبريل سنخطو خطوة، نحن مجموعة 29 مصحوبين بمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإنسانية والسياسية والأفراد الناشطين المهتمين، كلنا سنخطو خطوة باتجاه الحكومة، وستخطو الحكومة، كما نأمل ونتمنى، خطوة تجاه المجتمع المدني، حتى نلتقي عند نقطة ننطلق منها جميعاً تجاه إغلاق ملف قضية البدون الذي طالما أثقل كاهل الكويت فقسّم أهلها، وأساء إلى سمعتها، وحرمها الاستفادة من كافة الطاقات الإنسانية على أرضها.
مشوارنا قد يكون مليئاً بالمصاعب، ولكن إذا ما استتبّت النوايا الحسنة واستبدّت الإرادة الإيجابية، يمكن للمجتمع المدني والسياسي أجمع أن يتخطى العقبات ويخلق الحلول الإيجابية الإنسانية العادلة والقابلة للتنفيذ وغير القابلة لأي تأجيل. لقد تأخرنا جميعاً، واللوم لا يتخطى أحداً منا، المؤسسات التشريعية والتنفيذية والمجتمع المدني ونحن، الأفراد، الشعب، الذي صمت وتجاهل وتناسى، حتى جاءت المشكلة بكل ذيولها تطرق بابه، فذاك ما يفعل الزمن بالمشاكل التي يتجاهلها أصحابها، يمددها ويضخمها ويشعبها حتى لتخرج خارج حدوده، أي الزمن، وتتخذ حجماً يبدو دائماً أكبر من أي حلول. ولكن، لا توجد مشكلة بلا حل، ولا يوجد حل بلا نوايا إصلاح حقيقية، ولا تتوافر نوايا الإصلاح الحقيقي بلا فهم لعمق المشكلة ومدى تأثيرها في كل فرد منا.
من هنا يبدأ مؤتمرنا القادم في منتصف أبريل، سيكون مؤتمراً لفهم هذه المعضلة الإنسانية، تاريخياً، قانونياً، إنسانياً، سيكون مؤتمراً لتشكيل حلول حقيقية يتفق عليها المجتمع المدني وكويتيوه البدون وأطرافه السياسية، سيكون مؤتمراً رسالته أن الحلول حقيقية وليست أحلاماً مؤجلة تتعلق على حبالها حيوات الناس، وتذوب تحت شمسها أحلامهم ومستقبلهم. تلك هي تطلعاتنا لنتائج هذا المؤتمر، إلا أننا نأمل كذلك إنجازات جانبية يمكن أن نتحصل عليها إذا ما شارك الجميع بنوايا خالصة وجهود حقيقية: يمكننا كمجتمع متكامل، مدني وسياسي وإنساني، أن نؤسس لأسلوب جديد في التحاور والتعامل مع القضايا والمشاكل. ماذا لو استطعنا جميعاً في يوم أن نتخذ طريقاً واضحاً، ليس طريق الواسطات، أو المحادثات الجانبية، أو الصراخ في مجلس الأمة، أو التهديد والوعيد، أو شراء الرفض أو القبول، أو التلطيخ والشتم في الإعلام الرخيص، أو الرجاء والاستجداء، بل طريق الحوار الحقيقي العقلاني والعمل البنّاء؟ ماذا لو تخلينا عن أسلوب رد الفعل؟ ماذا لو عزلنا الشخصانية؟ ماذا لو قتلنا الأنانية؟ ماذا لو صدقنا وبذلنا وآمنا، حقيقة آمنا بالقضية، بكل قضايانا، وبالقدرة على حلها؟ تلك هي أمنيتنا، أن يؤسس المؤتمر الأول لعديمي الجنسية في الكويت، بجهود كل الأطراف المشاركة فيه، لأسلوب جديد في الحوار والعمل يأتي بتراضي كل الأطراف وجهودها جميعاً ورغبتها الحقيقية في الخروج من الدوامة، وهذا الغرض، كما الغرض الرئيسي للمؤتمر من حيث توضيح الحلول وإيجادها لقضية البدون، لن يتحققان سوى بتعاون كل الأطراف ومساهمتها المتكافئة، ليس لطرف أفضلية ولا أسبقية، بل كلنا نقف على ذات البعد من مشاكلنا ونزن ذات القدر من الذنب في إهمالها، ونحمل ذات المقدار من المسؤولية لحلها.
نحن نأمل ونتمنى، وتلك آمال لا تتحقق سوى بالأيدي الممدودة، والكفوف المفتوحة، نحن نأمل ونتمنى، لأنه دون الأمل ودون العمل يختفي المستقبل في ضباب المجهول، نحن نأمل ونتمنى لأن الإنسان هو المعادلة الأهم، إن كان هو المشكلة، فلديه هو الحل، فلنبحث عنه في أنفسنا، ولنأتِ به لأرض الواقع بإصرارنا.