قطط
خطبة الشيخ حسين المعتوق الطائفية سيئة، وردة الفعل الطائفية تجاهها سيئة، والتضامن الشيعي العام مع المتهمين دون أن تثبت براءتهم سيئ، والاتهام السني العام للمتهمين دون أن تتم إدانتهم سيئ، هذا التعاطف الشيعي الشديد مع إيران و”حزب الله” سيئ، وهذا الاعتقاد السنّي بوجود مؤامرة إيرانية شيعية خلف كل حدث سيئ، ليس هناك شيء جيد في الأوضاع هذه الأيام، ولا أي شيء جيد.
في هذه المرحلة لم يعد مهماً مَن المخطئ في كل ما يحدث، من يفوق الآخر طائفية، من يتغلب على الآخر في إساءته للوطن وفي تعريضه للمخاطر، هذه المسابقة فقدت رونقها، لم يعد الفوز بها له معنى أو مغزى أو حتى وزن، فما إن يثبت الشيعة مظلوميتهم حتى يرتكب الحمقى منهم فعلاً، وما إن يؤكد السنّة إخلاصهم حتى يؤدي الحمقى منهم مشهداً، وهكذا تدور الدوائر بمعية الحمقى، وهكذا ندور نحن معها، كلٌّ يحاول إثبات مظلوميته وأحقيته وبراءته وكأننا قط يلحق ذيله، لقد فقدت كل قصص التاريخ معناها كما فقدت إثباتات الحاضر قيمتها، لم يتبق لنا سوى مخاطر حقيقية ومخاوف يجب أن تكون حقيقية وتجاهل وتعنت واستخفاف يجب ألا تكون… لكنها كذلك.
الموضوع خطير جداً من جانب وسخيف جداً من جانب آخر. لقد اشتعلت نار طائفية لم تكن خامدة أبداً، لطالما كانت هناك جمرة أسفل الرماد، جمرة مختبئة خلف طبقات من الكلام المدبج السمج، جمرة يرفض “الكبار” الكشف عنها، إلا أنهم ينفخون فيها ليلاً ونهاراً ليحترق بها الصغار ضعاف النظر. وفي حين الجمرات تتدحرج وتتجمع، يقف الناس على نواصي “تويتر” وبقية وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي، هذا يبث سمه لذاك، وذاك يسعد بانتصاره المؤقت فوق هذا، وكلهم، بلا استثناء، ظالمون ومظلومون، وفيما هم يتبادلون هذه الأدوار، يهدمون الوطن، يدمرونه، يسلبونه أعز ما يملك… أمنه وأمانه.
إن ما يعانيه مجتمعنا، ليس تحديداً الطائفية، وإن كانت تحجب عين الشمس هذه الأيام، لكن ما يعانيه البلد، وأعتذر بصدق عن الكلمة القاسية، هو الغباء، غباء يصل إلى حالة مرضية متمثلة بمحاولة كل طرف إظهار نفسه في صورة الضحية، حتى باتت كل طائفة تفرح بمصابها وتعتبره لحظة انتصار تثبت بها طائفية وإرهابية الطائفة الأخرى. بتنا نقيس أرباحنا بمقياس مصائبنا وتنكيل الآخر بنا، ولا نكاد نرى أن كل ضربة هي في قلب بلدنا الذي ضعف نبضه وضاقت شرايينه وبات يعيش رعب نوبة قلبية قاتلة في أي لحظة. إنه الغباء… الغباء الخالص.
“آخر شي”:
السيد رئيس مجلس الأمة، تصريحاتك وتعليقاتك تبدو وكأنها مأخوذة من بطاقات معايدة قديمة، كلها تثمن مواقف بائسة وتبارك استحقاقات غير مستحقة، وتعرب عن إيمانيات أعطتك عمرها منذ زمن ليس بالقريب. مع كل الاختلافات السياسية بيننا، إلا أنني وبحكم أنني مواطنة لبلد يترأس برلمانه شخصكم الكريم، بودي أن أسمع تشخيصاً حقيقياً منك في يوم، جملاً مختلفة عن تلك الشبيهة “بالستيكرات” والملصقات، شيئاً ما مغايراً لـ”نحن أبناء هذا الوطن، والكويت الواحة الصغيرة، ونحن في بلد صغير في حجمه، كبير في ديمقراطيته، وأنا على ثقة بالشعب الكويتي”. ليتنا نسمع مرة تحليلاً حقيقياً، تعليقاً يحمل صدق الخوف وحقيقة الخطر ومسؤولية التنبيه والمواجهة. حضرتك رئيس مجلس الأمة ولست رئيس مجلس الوزراء، خاطبنا من موقعك بين الشعب لا من موقعك في حكومة “يفترض” أنك لا تنتمي إليها. لقد أصبح لتصريحاتكم طعم المسلسلات التركية، مع اعتذاري المخلص عن التشبيه، فمتى يحين الأوان لكلمة حقيقية؟
“آخر آخر شي”:
السيد رئيس مجلس الأمة، هذه الأمة فيها بدون، عديمو الحياة الكريمة والحقوق الأصيلة، فهل لنا بكلمة من ممثل الشعب الأول حول مصيبة الشعب الإنسانية الكبرى؟