قرابين صغيرة
في رابع أيامه في المستشفى وفي سويعات هدوء جمعتني بوالدي وحدنا في الغرفة أسرّ لي: “لم أنم طوال ليلة أمس”. بادرته “ما الخطب بابا، عسى ما شر؟” أخبرني هو بانشغال باله بكتاب حقوق الطفل في العالم العربي الذي يعكف على تأليفه حالياً، وأن هناك زاوية مهمة يريد إضافتها له.
“حقوق الأطفال مهدرة في عالمنا العربي الإسلامي،” أخبرني والدي، “تاريخياً نحن لا نضع قدْر للطفل، لا لحياته ولا لقيمتها ولا لجودتها”، …
نحن النسرات
«أتمنى على بنات جنسي أن يعذرنني إذا ما عاملتهن على أنهن مخلوقات عقلانية عوضاً عن تملق محاسنهن الخلابة، والنظر إليهن على أنهن في حالة طفولة دائمة، غير قادرات على الوقوف بمفردهن. بكل صدق، أود أن أوضح موقع الكرامة الحقيقية والسعادة الإنسانية، أود أن أقنع النساء بأن يسعين للحصول على القوة، لكلا العقل والجسد، وأقنعهن بأن العبارات الناعمة: تأثر القلب، رقة المشاعر، ورفعة الذوق، هي تقريباً مترادفة وصفات ضعف، وأن …
بابا
في الهزيع الأخير من الليل أجلس لأكتب هذا المقال وقلبي ووعيي هناك، في غرفة المستشفى التي يرقد فيها والدي، هادئاً رغم آلامه، باسماً رغم دوار رأسه الذي يسمح لعقدة وجع أن تتسلل بين الفينة والأخرى بين حاجبيه، ألتقطها رغم محاولته إخفائها، فأتمنى لو أنني حملت كل آلام جسده كما حمل هو ولا يزال كل آلام جسدي وقلبي وروحي. والدي الذي يعطي لهذه الحياة معناها، بابا الذي لا أزال أستشعر …
أضغاث أحلام
لماذا تثور ثائرة المسلمين حين يتم تناول التاريخ الإسلامي بسرديات مختلفة عن أو متباينة مع الشائع المتعارف عليه؟ حضرني هذا السؤال وأنا أتخيل رد فعل الشارع المسلم بكل أطرافه حين يتم عرض الفيلم الجديد المعنون (سيدة الجنة – The Lady of Heaven) والذي سيحكي قصة السيدة فاطمة ابنة الرسول، من خلال ربطها بسردية معاصرة لطفل يعاني من أحداث عنف في عراق اليوم. القصة مكتوبة على يد الكاتب الشيعي المتشدد …
بداية ونهاية*
كوميدية جداً فكرة توديع سنة واستقبال سنة، فالزمن، هذا المفهوم المبهم الخيالي، غير موجود حقيقة كبعد في حيواتنا سوى في مخيلاتنا. في هذا الكون الشاسع الذي يتضاءل فيه وجودنا حد العدم، فنمنمتنا تجعلنا غير مرئيين، ولحظية ظهورنا واختفائنا تجعلنا كأن لم نكن، في هذا الكون بظروفه الوجودية الغريبة تلك لا يوجد زمن، لا توجد بداية ونهاية، لا توجد سوى اللحظة وكأنها بقعة ضوء ضئيلة، كما عبر عنها العالم ريتشارد …
متدين ظالم أم كافر عادل؟
في فيديو مسجل لأحد مشايخ الدين العراقيين طرح هو سؤال: “مَن الأفضل لقيادة الدولة، مسلم ظالم أم كافر عادل؟” على الرغم من قِدم هذا السؤال وتكراره، إلا أن تأثيره بدا لا يزال حياً ينبض في مجتمعاتنا، لا نزال نحوم حول هذه الفكرة الغابرة، من نريد ليقود المسيرة، مسلم ظالم أم كافر عادل. بالطبع، التوصيف هنا يعود للسياسيين المشرعين في بلداننا، بالأخص أعضاء المجالس النيابية والبرلمانية والذين يتم اختيارهم بناءاً …
أيتها الساحرات
ذات زمن، له آلاف السنوات الآن، مع مطلع فجر جنس البشرية، كانت المرأة معجزة الحياة، كانت أنثويتها تميمتها ودماؤها دليل إعجازها.
عبدت البشرية المرأة، كأول كينونة إلهية، مع بدايات تشكل الوعي وتطور التفكير وذلك تجاوباً مع قدراتها الجسدية الخارقة: هذه الكينونة التي تُخرج من جوفها الحياة وتُكاثِر بجسدها البشر في أزمنة كان جنسهم مهدد خلالها بالانقراض، هذه الكينونة التي تدمي شهرياً ولا تموت، يخرج جوفها المعجزات ويتحمل جسدها الآلام والأحمال …