ارتفعت نبرة الكراهية ضد الوافدين بعد أن دق لها الطبول نواب مجلس الأمة وغنت كورالها الحكومة بتجاهلهم لأزمة الخدمات التي يمر بها البلد، أزمة محتمة يستطيع كائن من كان أن يتنبأ بها ونحن نتزايد منذ أربعينيات القرن الماضي الى أوائل القرن الحاضر في حين تبقى خدماتنا على سعتها القديمة ذاتها.
قمع الحريات واغتيال الحقوق الإنسانية أصبحا ظاهرتين بارزتين في الكويت، تتوالى الأحداث لتؤكد استتبابهما بيننا وسط صمت سيريالي مريب، كأن المشهد يأتي من فيلم رعب حيث يتحلق الناس حول شخص يقمع أو يعذب وهم يبحلقون فيه بصمت وحياد.
ارتفعت نبرة الكراهية ضد الوافدين بعد أن دق لها الطبول نواب مجلس الأمة وغنت كورالها الحكومة بتجاهلهم لأزمة الخدمات التي يمر بها البلد، أزمة محتمة يستطيع كائن من كان أن يتنبأ بها ونحن نتزايد منذ أربعينيات القرن الماضي الى أوائل القرن الحاضر بما يقارب الضعف في حين تبقى خدماتنا على ذات سعتها القديمة.
تأزم وضع البدون بعد أن شدد الجهاز المركزي القبضة وبعد أن اتخذ إجراءات يندى لها الجبين ليس فقط تسويفاً للموضوع وقمعاً لأصحابه، بل كذلك خداعاً لهم مثل دفعهم لشراء جوازات مزورة ثم التخلي عنهم أو قسرهم على توقيع أوراق يقرون فيها بما لا يعرفون، أساليب فاشية قديمة عفا عليها الزمن، إلا زمن البدون في الكويت.
ولا أشد من اغتيال حقوقنا الإنسانية إلا من خلال صنع استجوابات “تخليص طار” وتسوية معارك وقعنا نحن الشعب في وسطها وتطوقنا بها. هكذا عيني عينك نائب يعلن أنه مع طرح الثقة قبل حتى سماع الاستجواب أو آخر يقول إنه طارح للثقة في مجموعة معينة من الوزراء دون استجواب أصلاً. حرب سياسية موبوءة انحشرنا نحن ومقدرات بلدنا وخيراته وأمواله التي هي أموالنا، في منتصفها، دون أن يلتفت أحد إلى حقيقة أن هذا ليس اغتيالا لوقت ومقدرات وأعصاب ونفسيات الشعب فقط، بل لحقوقه الإنسانية التي يتجلى أهمها في الشعور بالأمان.
وأين هي الحريات والرقابة ترفرف على كل إنتاج أدبي وثقافي وفني عندنا؟ الغريب أن الموضوع ليس قمعا للحرية فقط بل هو مصحوب بنفاق كريه يقلب المعدة برائحته الفجة. الدكتور وليد الطبطبائي، حامي حمى الفضيلة في الكويت، صمت بإطباق حين رقصت البنات وغنين ترحيباً بزيارة حاكم كبير للكويت، ولم أتوان أنا عن لفت نظره للموضوع على “تويتر”، حيث أطبق صمته على فمه ولم يسمع له تعليق حول حرمة الحفل الذي قُدم للزائر، هذا الرجل الذي يتوالى تناقض مواقفه بشكل يثير الدهشة والإعجاب، ليس فقط من خلال قدرته على تقديم نفسه كإنسان جاد وسط كل هذا التناقض في المواقف والتصرفات بل الكلام الذي وصل درجات من السخف لم يسبق لها مثيل، بل على قدرة ناخبيه على إعادة انتخابه المرة تلو الأخرى رغم كل ما تبين منه وحوله.
الدكتور خرج بعد التصويت معترضاً على غياب الرقابة عن مواد مكتوبة جاء فيها كلام أحد الكتاب حول صلاة الاستسقاء، والذي هو حديث نقدي قديم حول مدى صحة بعض الممارسات الشعائرية، والذي، من المقطع الذي قرأه الدكتور، لم يبد فيه ما يسيء مطلقاً. ثم اعترض على كاتب آخر قال ما معناه إن الإسلام دين علماني. والحقيقة أن الذهول تجاه هذا الاعتراض يفوق ما عداه من استياء واستسخاف وعدم تصديق. الحديث حول علاقة الإسلام بالعلمانية حديث قديم، والإشارة الى أن الإسلام دين علماني تأتي في سياق المديح للدين القادر على مواكبة أجدد النظم السياسية الإنسانية المتحضرة، وهناك عدد كبير من الكتب المنشورة والموزعة في الكويت والتي تتعامل مع علاقة الإسلام الإيجابية بالعلمانية. أن يقول نائب هذا القول، الذي يتكرر بخوائه وسطحيته ومغالطاته الجسيمة بشكل منتظم، ثم يعاد انتخاب هذا النائب لمجلس بعد مجلس، هذا ما يشير إلى خلل حقيقي، ليس فقط في تقييمنا السياسي ولكن كذلك في فهمنا الحقيقي لمبادئ الحريات والحقوق وفي تقييمنا لأخلاقيات العمل ومحافظتنا على الحد الأدنى من نزاهة الممارسة السياسية.
يوم الجمعة شاهدت صورة لمفتش أو رجل مباحث يكشف ظهر امرأة طبعت وشماً عليه. قلت لنفسي لربما لا آتي على ذكر هذا الموضوع في المقال بما أنني لا أعرف تفاصيله، ثم تفكرت كثيراً في التفاصيل، أيها يمكن أن يبرر، أن يجيز لهذا الرجل ذي اللحية الكثة، أن يمد يده على هذه المرأة كاشفاً ظهرها؟ وجدها في وضع غير لائق؟ هي مجرمة بجرم ما؟ هي ليست امرأة أصلاً؟ أياً كانت الظروف والأسباب، أكاد لا أجد ما يمكن أن يبرر تصرفا مهينا مثل هذا. ولكن حيث يكون نواب البيت بالدفوف ضاربين، فكلنا سنتحزم ونرقص.
*أعتذر عن العنوان، لم أجد ما يفوقه لياقة وسط صخب الرقص الدائر في بلدنا