نحن نحتاج إلى حماية من الإسلاميين، نحن، الناس العاديين، أبناء الشارع، الذين يذهبون للعمل صباحاً ويعودون ظهراً ويزورون بيوت عوائلهم في نهايات الأسبوع، نحن الذين بين فترة وأخرى قد نقول شيئاً أو نأتي فعلاً أو نقيم احتفالاً، فنهاجم ونكفر ونُسبّ ونُلعن، ليشتاط “محامو تويتر” هياجاً، فيهددون برفع القضايا وتشويه السمعة بسبب “ازدراء الأديان” واستنفاراً منهم في الدفاع عن الدين وهم الذين في الغالب لم يصلّوا ركعة في حياتهم والذين اخترقوا النظام بصورة أو بأخرى للحصول على الشهادة أو للوصول إلى منصب.
تعبنا من اللفّ في ذات الساقية خلف هؤلاء، كل يوم يهددون برفع قضية، كل يوم لا يتوعدون بعقوبات دنيوية فقط بل يخططون للعقوبات الأخروية. هي آراؤهم ولهم الحق فيها على انحطاط أسلوبها وعلى رداءة مفاهيمها، ولكن التهديد والوعيد ليس من حقهم، السبّ والقذف والشتم والتحريض على مقياس ما يكتب أحدهم في منشوراته المبتذلة وما ينشر من خلال مقراته “النيونية” الإضاءة ليست من حقهم. لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر، لا يمكن لهم أن يستمروا في فرد عضلاتهم التي ما نفخها سوى الهرمون الحكومي في وجوهنا، فما عدنا نسمع سوى رديء الكلام، وما عدنا نستقبل سوى التهديد والوعيد، وما عدنا نشاهد سوى انحطاط التصرفات التي أخذت في تشويه، وقبل أي أحد آخر، كل من اتجه إلى التدين. أصبح وصف إسلاميين، للأسف، مرادفاً لانتهازيين، لمشروع إرهابيين، لسبابين شتّامين، بصنع منهم، من ألسنتهم وتدخلاتهم والتناقض الفاضح بين أقوالهم والتطبيقات في حيواتهم. لست أعمم هنا، أنا أتحدث عن فئة واضحة التعريف لا يغيب “شكلها النفسي” أو فعلها عن أحد.
ما سمعنا في يوم عن “ليبرالي” هدّد بالقتل، هدّد برفع قضية لإهانة الليبرالية وازدرائها، ما سمعنا باشتراكي توعد الذين يشتمون مبادئه، ما سمعنا بماركسي، يقول ماركس خط أحمر، ما أتى علماني ليتوعد الآخرين بفظيع العذاب بعد الممات إن هم لم يجروا في طريقه الأوحد. أهلاً بالصراع الفكري، ولا بأس بالحوارات والاختلافات بل الخلافات، أما السيف الذي تشهره الجموع الإسلامية الفقيرة أخلاقياً، فلا، كفى، امتلأنا بكم وطفحنا برداءة كلماتكم وسوء أخلاقكم وعنف توجهاتكم وغباء إصراركم على امتلاك معرفة الدنيا والآخرة.
بإقراركم قوانين المطبوعات الفقيرة المطاطة، وعدم المساس بهذا وعدم المساس بذاك، مكنتم هؤلاء الرديئين من رقابنا، مكنتم السياسيين الفاسدين من حرياتنا. فكلما ظهر أحد ليقول رأياً ظهر هؤلاء “الصغار” يسبّون ويتوعدون ويثورون بحماقة، يختلقون الأذى فتراهم يفسرون ويحللون، وكأني بهم يتمنون أن يجدوا إهانة أو “مساسا” حتى يخرجوا ما في الجعبة المريضة من سباب وتهديد ووعيد.
هي مسؤوليتكم، ألغوا قوانين المطبوعات الرديئة المطاطة، وأقروا قوانين تحمي حرية الرأي والتعبير، ولا تحمي القمع والتهديد وتؤيد الفضح والردح. ليست المشكلة في الآراء الرخيصة، مثل هذا الذي خرج يكفر العلمانيين وليوصل قريبه نائباً لمجلس الأمة في ذات الفترة، فتلك لها حق الظهور على اعتبارها آراء وإن رخصت، المشكلة في القوانين التي تساند هؤلاء المجبولين على العنف والتطرف، القوانين التي وضعتهم بأمراضهم النفسية والأخلاقية في موقع القوة فمكنتهم من رقابنا، قوانين نتاج تحالفات حكومية إسلامية قديمة ندفع ثمنها الآن. تعبنا من هذا الصراع الذي يحكمنا محلك سر. ليكن لهم ما يرضي قلوبهم من سباب ورخص قول، المهم ألا تقويهم القوانين ولا تساندهم الدولة، أليس هذا زمن التحرر من قبضتهم طبقاً للادعاء الحكومي بحد ذاته؟ أرونا النتيجة وخلصونا من “كاوبويات” الدين هؤلاء.