علاقتي بالنائب حمود الحمدان هي علاقة حوار من طرف واحد، أنا “أسولف” وهو يتجاهلني، فقد حاولت وحاولت أن أحصل على رد منه بعد نشره لمجموعة “أبحاث” حول “توجه الغرب لفصل الدراسة المشتركة”، وذلك من خلال “تويتر” وبعدها من خلال مقال كامل، لكن لم “يحالفني الحظ” برد كريم منه، إلا أن الوضع اتخذ منحى مبشرا بالخير مؤخراً عندما سألته عبر تغريدة عن مدى صحة تصريحه لـ”سرمد نيوز” حول الدفع بإعدام المثليين برميهم من أعلى مبنى في البلد، حيث رد طالباً رقم “الواتس آب” ليرسل لي التصريح كاملاً. بكل سعادة أرسلت له رقمي حيث تلقيت عليه بعدها بدقائق رسالة منه تلخص تصريحه، والذي لا أود إعادته لسوء موضوعه وتعابيره، والذي يتشابه مع ما نشر في “سرمد نيوز”، إلا أنه عاد فأكد عبر “تويتر” أن تصريح سرمد صحيح “باستثناء إسنادهم لي رمي الشواذ من شاهق فهو قول لبعض العلماء ولم أقل به”، ثم أضاف في تغريدة لاحقة أنه يفرق بين “المثليين الذين يفعلون الفاحشة وبين المتشبه، فالأخير يناصح ويعالج فإن أصر فإنه يعاقب بعقوبة مناسبة”.
أخبرته أنا عبر “الواتس آب” بأنني بحاجة لرابط تصريحه لأنني أنوي كتابة مقال، إلا أنه لم يرد، كما وجهت له ملاحظات وأسئلة عبر “تويتر” إلا أن القطيعة عادت واتخذت مكانها بيننا، وعدنا لعلاقة من طرف واحد، أنا أسأل وهو منزل الستارة. من بين ما سألت النائب أن “لم الاستشهاد برأي عنيف معتدي كهذا؟ وهل من يقول به يعتد من العلماء؟ في إنسان بضمير حي يقول بذلك؟”. ثم علقت أن “الفاحشة يمكن أن يأتيها الجميع وقد تصدر عن أكثر الناس ادعاءً للورع، وفي تفرقتك هذه (أي ما ذكر من فرق بين المثلي والمتشبه) هل أنت تقول بقتل المثليين؟”. طبعاً لم أحظ بأي رد من النائب، وعادت ريمة لقطيعتها القديمة.
حوارنا الإقليمي المسيطر اليوم هو من أين أتى “داعش”؟ هل هو من الإسلام في شيء؟ هل يحمل الدين في طياته ما يدفع بالعنف أم أن الدين يحتمل القراءة المسالمة الإنسانية التي تتواءم والمنطق الحقوقي لعصرنا هذا؟ ثم يأتي نائب كويتي، يعيش حياته كاملة في الكويت، ينام في سريره آمناً، يذهب لعمله سالماً، يتعالج في ذات المستشفيات التي نذهب إليها ويتسوق في ذات الجمعيات، يقود سيارته في الشوارع الآمنة ولربما يتمشى في الأسواق المبهجة، فيشير إلى تصريح “العلماء” بفتوى رمي المثلي من أعلى مبنى في البلد، والتي هي الفتوى التي يعمل بها أفراد “داعش” والتي شاهدناها مسجلة بالفيديو. ما دلالات مثل هذا التصريح العنيف لإنسان كويتي عادي يعيش حياته بسلام؟ ألا يدفع تصريحه هذا إلى تثبيت صفة العنف على الدين من حيث إنه ليس فقط المؤسسات العسكرية الإرهابية كـ”داعش” هي فقط التي تقول بمثل هذا الإجرام، ولكن حتى رجل الشارع، حتى المشرع الكويتي المدلل يقول بمثل ذلك، أفلا يصبغ مثل هذا التصريح الدين الإسلامي بمجمله بصبغة عامة من العنف؟
نغضب نحن عندما نواجه باتهامات بالعنف الديني، نسارع للتأكيد أن ليس “داعش” من الإسلام في شيء، ما يحدث لا يمثل الدين ولا أهله، طيب إذاً ما ومن الذي يمثل الدين وأهله؟ إذا كان حتى المشرع الكويتي الذي وصل للبرلمان عبر صندوق الانتخاب ومن خلال العملية الديمقراطية يذكر فتوى “لعلماء” برمي بشر آخر من أعلى مبنى في المدينة كعقوبة، يشير إلى قصاص بدائي وحشي تستخدمه مؤسسات إرهابية دموية كمثال على التعامل المستحق، ماذا بقي من مثال طيب للدين ومن ذا الذي سيمثل وجهه المتسامح؟ نحن في مصيبة غائرة، لن يخرجنا من مستنقعها سوى الاعتراف بعمق وجودها أولاً وقبل كل شيء. نحن في مأزق القراءة المتطرفة للنصوص الدينية، نحن في معضلة التعامي عن تاريخية الأحداث والإصرار على الفهم والتطبيق الحرفيين، نحن في مصيبة وجود دواعش بيننا، شكلهم من شكلِهم، كلامهم من كلامِهم، توجههم من توجهِهم، إلا أنهم يمثلون وجه السياسة والديمقراطية في البلد، ثم نعود ونسأل، لمَ ينظر العالم للدين الإسلامي بعين التطرف؟ من أين أتى كل هذا العنف الذي نغرق فيه؟ من عقر دارنا أيها الأحبة، من عقر دارنا.