تمويل

ليس السؤال هو من يستهدف هذا القانون شخصياً، قانون منع المدانين بالإساءة إلى الذات الأميرية والإلهية، بل السؤال هو ماذا سيكون له من أثر يقتفي معناه القادمون إلى حقل السياسة ويحصدون محصوله، فهذا القانون عقابي من الدرجة الأولى، هو ليس شرطاً مضافاً لشروط الترشح، هو تصفية واضحة للمعارضين، ماضين وحاليين ومستقبليين، لذا أقول، ليس مهماً إن كان هذا القانون مستهدفاً لشخص أو مجموعة شخوص حاليين، فالقانون أكبر إيذاءً وأوسع شراً، هو يستهدف المبدأ بحدّ ذاته، مبدأ المعارضة القوية التي قد تصل إلى حد النقد القاسي الشديد.

ولأن أحداث الكويت الحالية لا يمكن بلعها أو منطقتها مطلقاً فإن المتبقي لنا هو تصيد هفوات راسميها والتشمت بهم، لذلك وبكل أريحية أعلن أنا شماتتي بكل من صوّت على قوانين المساس والإساءة، وإعدام المسيء، والمرئي والمسموع والإعلام الإلكتروني، فهذا أول غيث قوانينكم، التفّت عليكم وستمنعكم بحد ذاتها، يا من كنتم “حبة عين” الحكومة ذات يوم فتحولتم إلى معارضة، من الترشح مستقبلاً. وكما التفّت هذه القوانين البغيضة على رقاب أصحابها اليوم سيلتفّ قانون منع المدانين بالإساءة من الترشح، إذا ما مر بالموافقة الأخيرة، على رقاب أصحابه المصوتين عليه، وسيأتي يوم يقطفون هم بحد ذاتهم ثمره المر، فيعصرون عليه ليمونة ويقضمونه قسراً ويبلعونه وهم كارهون.

وكل هذا غير مهم، لقد قست جلودنا وتعودنا على غرائب هذا الزمن بنوائبه ونوابه. ليس هذا القانون بأول ما صدر ليدعس في بطن الدستورية والحقوقية وحتى المنطق البسيط، المهم هو أننا نحن من نصنع نوابنا ونوائبنا، ثم نجلس على الأطلال ننعى حظنا ونبكي حقوقنا، فالمشاركون قد اختاروا هؤلاء النواب، والمعارضون المقاطعون، وأنا واحدة منهم، قد أفسحوا لهم المجال وأخلوا لهم الطريق. يعني كلنا في الهمّ ممولون، كلنا نمول ونغذي الفساد والتطرف والتدهور والقمع، إن كان بإطلاق دوافعنا الانتقامية، عندما فرحنا باعتقالات المغردين وبسحب الجنسيات، أو كان ببخ لا مبالاتنا، عندما جلسنا في البيت وانقطعنا عن الجميع.

مر أو لم يمر، لا أدري لمَ لمْ يعد لشيء حتى طعم الخوف أو ألم الأذى، كل الأشياء تشابهت في مرارها، في لا منطقيتها، في دورتها الغريبة المريضة: تصويت فتهليل فالتفاف على الرقبة فتبرير سخيف فمحاولة إسكات بتصويت آخر فتهليل فالتفاف على الرقبة وهكذا هي، تدور وتدور ورحم الله غاليليو وأحسن مثواه.