سؤالها كالجرح الغائر، كلما حاولت سبر أغوار عمقه، افترش ألمه الجسد بأكمله، تسأل الزميلة لمى العثمان في مقال الخميس 4 نوفمبر سؤالها البلاغي الذي لا تنتظر له إجابة، تبحث وهي تعرف، تتمنى أن تجد جواباً، أي جواب ما عدا الحقيقي، تتشظى الأسئلة كما الأشلاء، تتناثر الأجوبة كما بقع الدم الخاثرة، وبين ركامها تظل تبحث لمى، وتبقى الحقيقة واحدة: هناك عداء فاحش بين مسلمي اليوم والديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد.
الدين، أي دين، هو ابن زمانه ومكانه والبشر القائمين عليه… بالطبع، لكل دين قواعد وأصول ثابتة، ولكن يبقى تفسيرها وقياسها على الحاضر هو فعل بشري خالص يغير من طبيعة الدين وتوجهه تماماً، فإسلام العصر النبوي يختلف عن إسلام العصر العباسي، وهذان يختلفان عن الإسلام الحالي المنكوب بزمانه وأهله، وكذا المسيحية، فمسيحية القرن الثالث عشر المظلمة تختلف عن مسيحية القرن الحادي والعشرين المتحررة، كلاهما نتاج الفهم والتطبيق البشريين اللذين يعكسان عقلية ونفسية ومنطقية المنفذين لتعاليمهما.
مسلمو اليوم لم يستوعبوا الدرس، ولم يدركوا بعد أن القهر والتهديد والعنف أدوات عمرها قصير، تدفع بالبشر بالاتجاه المعاكس بعد أن يتفاقم قهرهم ويأسهم مؤثرين ما يهددهم به الطغاة من نار الآخرة، على ظلم وقهر وذل هؤلاء الطغاة في الدنيا، فبعد أمد يزول تأثير التخويف والقهر ولا يبقى سوى مرار الذل الذي يدفع الإنسان للمغامرة بكل شيء حتى دينه ليتحرر من القمع الجسدي والنفسي. تعلم «رجالات» المسيحية هذا الدرس، فأخذت المسيحية، في غالبية توجهاتها، منحى مسالما، وسقط «رجالات» الإسلام في الامتحان، وها هم يعيدون السنة تلو الأخرى، الدرس يُهدر و»الرجالات» تسقط والضحايا تتساقط.
لِم نطالب بحرياتنا وننكر على الآخرين ذات الحريات في بلداننا؟ إنه المخطط المرعب يا لمى الذي لا نريد أن نتداوله بما قد يثبته حقيقة واقعة، «رجالات» إسلام القرن الحادي والعشرين لا يؤمنون بالحريات ولا الديمقراطية مطلقاً، هي بالنسبة لهم وسيلة، يبرر استخدامها غاية «نبيلة» تتلخص بقيام دولة الإسلام التي تجب ما قبلها. نعم، يستخدمون الديمقراطية إلى أن يصلوا إلى سدة القرار، ثم يقطعون دابر هذه الديمقراطية اللئيمة، حتى يكون الطريق «ون واي» إلى السيادة والسلطة دون عودة، فرجالات الدين كما السلاطين، من القصر إلى القبر، لا مكان للتنازل وتداول الرأي والسلطة كما في الديمقراطية الحقيقية.
هم «يتدمقرطون» إلى أن يتمكنوا، ومن ثم، وبدافع من العقيدة التي شكلوها في عقولهم، يقطعون دابر دائرة الديمقراطية ويغتالون لا نهائيتها لتكون لها نقطة نهاية هي… هم. لا ينفي إسلاميو القرن الحادي والعشرين هذه الحقيقة، دونكم حماس التي وصلت بالديمقراطية، وإخوان مصر المشاركين في الديمقراطية، ومحمد هايف البرلماني برسم الديمقراطية، جميعهم يستخدمونها، هذه الديمقراطية الساذجة، ضد نفسها لتحقيق الحلم الجبار المريض بسيادة الأرض، حلم طاغ يسلب الدين نبله ويفرغه من محتواه السلمي فيحول شبابنا إلى أسلحة فتاكة وأراضينا إلى ساحات حرب دامية ونفوسنا إلى مراتع قهر وألم فاحشة.
لا فائدة من السؤال يا لمى، فسيظل الطغاة يتباكون حقوقهم المضمونة في الغرب ويغتصبون بشراهة حقوق الآخرين في الشرق، سيظلون يلطمون حجاب سيدة شد من رأسها بيد فاسد منفرد في الغرب، ويعرون أجساداً كاملة حتى من جلدها بأياديهم المجتمعة في الشرق، يصرخون: مئذنة لم تر الحياة في الغرب، ويئدون مئات من بيوت الله غير الإسلامية في ترابهم الحارق في الشرق، نحن نعيش عصورنا المظلمة يا لمى، فكفي عن الأسئلة الموجعة، وتدثري، فالقادم… أعظم.
آخر شي:
النائب محمد هايف «متأزم» لأن مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي أقام، حسب ادعائه، ضريحاً لأبي لؤلؤة المجوسي، ثم اشتدت أزمته بعد أن اكتشف «كلينيكس مزدوج» مدسوساً، كما يبدو، مخابراتياً لينقب عن أسرار النفط في دواخل أنوفنا الكويتية، فبعد أن فرغ الإيرانيون من تخصيب اليورانيوم، تفرغوا لدس «الكلينيكس» المفخخ في ديارنا الآمنة… أبو لؤلؤة وسكتنا عنه بالرغم من مخاطر ضريحه على السياسة الكويتية الخارجية، لكن «كلينيكس» إيراني؟ هذه واضحة، إما توغل مخابراتي وإما توسع شيعي في المنطقة، انظروا ما أدى إليه سكوتنا عن الخبز الإيراني والفالودة والنون خامة، لابد من التحرك السريع، الذي لا بد أن يبدأ باستجواب رئيس مجلس الوزراء، سمو الشيخ ناصر: من أين لك هذا «الكلينيكس»؟!