او باذنجانة

يائسون نحن وخائفون، والأمض والأنكى، أننا فقدنا كل ثقة وأمل بمؤسساتنا الحكومية والبرلمانية، وأصبح من يريد منّا حقاً له، يبحث خارج أروقة مجلس الأمة، ويحاول متخطياً المباني الحكومية.

يتساءل كثيرون لم تقاعس الشعب الكويتي بهذا الشكل؟ لم يستسلم ولا يبحث خارج المؤسسات الرسمية في الدولة عن وسيلة لإحقاق حق أو إقصاء باطل؟

إن في الأحداث السياسية والاقتصاية الأخيرة التي تمر بالبلد لخير توضيح مرئي ومقروء للحالة النفسية «العصابية» التي أوصلنا إليها طاقما المجلس والحكومة مجتمعين.

فهم اختلفوا في كل شيء، واجتمعوا على تعذيبنا وتشويشنا وإرباك خطواتنا، فاستأجروا لعبة ضخمة وضعونا جميعاً في عرباتها و«طقوها سلف» وتركونا ندور وندور حتى غامت الرؤية..

فلم نعد نعي ما تركنا خلفنا، ولا من مجال لاستيضاح ما هو آت أمامنا، والمحظوظ هو ذاك الذي تأتيه فرصة (واسطة) ليسحب نفسه ولو مؤقتاً من عربته الدائرة بجنون.. يأخذ أنفاسه ويحقق مراده.

أحداثنا الأخيرة تدير أكبر الرؤوس كما لم تدرها كأس عمر الخيام في أعظم رباعياته، فمن البورصة والبنك المركزي وبنك الخليج وخذ من هذا وأعط ذاك، وغير هذا الرئيس وثبت ذاك، إلى السيد أحمد المليفي وتعليقه للاستجواب.

أما أنوف الحكومة، كما الجزرة أمام الأرنب، فأصبحوا يركضون خلفها ويتابعون اصفرارها بعيون زائغة وقلوب واجفة، استجواباً غير واضح المعالم، ولا الأغراض كان يمكن أن يأخذ منحى أكثر وضوحاً وموقفا أكثر صلابة من «أقدمه، أسحبه، وأسحبه، أقدمه».

ثم يأتي رد فعل الأرانب، فيسحبون جنسيات خمسة منكوبين في محاولة لإسدال الستار على الجزرة المرعبة الصفراء، ولكن الستار لا يسدل، وإنما الجزرة تنتفخ ومعها مراراتنا المهترئة.

لا أدري إن كانت حكومتنا وأجهزتنا السياسية في البلد تعي أنها في الواقع تتعامل معنا بإنصاف، فهي لا تضع أي حساب للناتج النفسي لتصرفاتها وخطواتها.

إن خطوة مثل سحب جنسيات هؤلاء المواطنين، لهي وشبيهاتها سبب شعورنا بتخلي حكومتنا عنا. لقد انتفى عند الجميع الشعور بالأمان، ولم يعد أحد يثق بمؤسسات الدولة، أو يكتفي بالانتماء إليها والإيمان بها.

قد أصبح لزاماً أن يكون هناك سند آخر، فاتجه الناس للتكتلات القبلية والطائفية والمالية وغيرها.

الوضع السياسي الرسمي عندنا يبدو أنه يخلق منا كل يوم قبليين، طائفيين، متطرفين في انتمائنا اللا مؤسسي. الناس في النهاية «تبي تعيش، وتعيش بأمان».

وعندما تعجز مؤسسات الدولة عن إشعار البشر بالأمان تحت مظلة المساواة، يتفرق البشر، ويفلتوا من تحت المظلة. اليوم لم يعد أحد يرغب، بكل أسف، في الوقوف تحت مظلة الدولة، وكل آخذ في البحث عن مظلة أقوى وأمنع لتقيه شرور الزمن، تفرقنا وتناثرنا بسبب «العمام»..

كلنا يجري والهدف.. جزرة.

كاتبة كويتية

ebtehal.alkhateeb@awan.com