حكومتنا مثل أم العروس التي دوماً ما تنسى أن تدعو أقرب الناس إليها، دائماً ما يفوتها أقرب الحلول إليها وأكثرها بساطة ونجاعة، فهناك أزمة مالية خلقتها الحكومات المتعاقبة سواء بسياساتها الاقتصادية أو بمعاملتها الريعية، وأول تغيير يجب أن يتحقق لأجل حل صحيح هو أن تلتفت الدولة إلى الاستثمار البشري.
لو كانت هناك خطة، لو كان هناك منطق، لما كان الهدر ليكون عشوائياً ولما كانت الحلول اليوم لتأتي بعشوائية أنكى وتخبط أمرّ، مثل أم العروس التي دوماً ما تنسى أن تدعو أقرب الناس إليها، دائماً ما يفوت حكومتنا أقرب الحلول إليها وأكثرها بساطة ونجاعة. هناك أزمة مالية خلقتها الحكومات المتعاقبة سواء بسياساتها الاقتصادية أو بمعاملتها الريعية أو بالسكوت عن، وأحياناً بتشجيع، الفساد في جنبات مؤسساتها، الحل إذاً يأتي في تغيير هذه السياسات، أليست تلك فكرة بسيطة ومنطقية؟ الحكمة تقول لا يمكنك الاستمرار في الفعل نفسه وتوقع نتائج مختلفة، لذا تغيير السياسات هو رد الفعل المنطقي والمعقول.
وأول تغيير يجب أن يتحقق هو أن تلتفت الدولة للاستثمار البشري، أن تعي حكومتها أن ثروتها الأولى هي أفرادها الذين يحيون على أرضها لا الديناصورات المصهورة أسفلها. الآن، والآن تحديداً، هو الوقت الذي يجب أن تلتفت فيه الدولة إلى بدونها الكويتيين، تحتضنهم وتستثمر في وجودهم، تجنسهم وتضيفهم لأياديها العاملة، كل عقل اليوم هو قطعة ألماس ثمينة، كل ساعد هو ثروة، كل قدمين هما “مصدر طبيعي” ينتظر الاستثمار. اليوم، ونحن نمر بأزمة خلقتها الحكومة ثم غرقت في شبر مائها، هو اليوم الذي يجب أن تفكر فيه الكويت في الإنسان، تصرف أكثر على التعليم، تقنن أكثر لكل حق إنساني، تجنس البدون وتستقبل اللاجئين، تفتح أبوابها للإنسان بسياسات حكيمة وتنظيم عال وتقنين صارم، وانظر كيف ستنقلب الحال، فلو أننا جنسنا من استحق في الماضي، من علّم وأسس للجامعة وبنى وربى أجيالاً كثيرة، من عاش على هذه الأرض وبنى فيها واستثمر، من أحبها ودافع عنها وعمل في شرطتها وجيشها، أي حال كانت لتكون حالنا الآن، وعلى أي شكل رائع متنوع كان ليكون “نسيجنا” اليوم؟
أنا مواطنة جيدة، منتظمة الدفع لفواتير كهربائي ومائي، لم أمدد يدي في يوم لحرام، لم أقصر في عمل، لم أستسلم لوساطة، فلمَ أدفع أنا اليوم ثمن تقصير وسوء تخطيط الحكومات السابقة؟ لو أنهم أحسنوا التدبير لما طلبوا منا الآن شد الحزام، ولو أنهم قاموا “بترشيد الفساد”، لما احتاج الملتزمون اليوم إلى ترشيد الإنفاق، لو أنهم مشوا تجاهنا نصف المسافة، “أخذوا” شوي وأعطوا شوي، لما وجدنا أنفسنا جميعاً خارج الشارع المسفلت على طريق ترابي وعر.
أشعر بالغبن، وكأن نتيجة التزامي أتت بعقوبة، لا تقل لي بترولاً وأسعاراً ولعبة أميركية، ترانا مللنا هذا الكلام، قل لي فيمَ وفيمن تستثمر، أقل لك من أنت، وتلك هي كل الحكاية.