حلالاً بلالاً
تلك الأسباب التي تدفع بالأحزاب الدينية إلى علياء السلطة والقوة، هي ذاتها التي تهبط بها إلى حضيض الفشل وتقودها للتدمير الذاتي، فاستخدام المعتقد الديني سياسياً لافتراش السلطة يتطلب تقمصاً لصوت الإله وتوكيل النفس نيابة عن الخالق على الأرض مما يترتب عليه إباحة كل المحظورات من باب أن الغاية النبيلة، وأي غاية أعظم من غاية الإله التي، وبقدرة قادر، يعرفها الحزب الديني وكأنه موحى إليه، تبرر كل الوسائل القميئة التي …
قبل أن نغرق
في يوم الخميس التاسع من يونيو، تلطخت أرضية جامعة الكويت بكيفان بالدم وتعالى الصراخ وانتهكت حرمة الحرم العظيم. في هذا اليوم المشؤوم، حاول شاب الدخول إلى الجامعة مدعياً، ولا أدري مدى صحة أو كذب الادعاء، أنه يحاول أن يقل أخته التي تعاني شيئا من التعب.
شباب الأمن المصري على مدخل الجامعة، وحسب التعليمات المشددة لديهم، أخبروه بعدم إمكانية الدخول لأنه لا يحمل البطاقة الجامعية والتي وحدها تيسر الدخول للحرم، حسب …
أنا الضحية والجلاد أنا
لا يمكن أن يكون التوجه طبيعياً ونوايا أصحابه صادقة إذا ما أظهر أي صورة من صور التطرف، فعندما يغرق نائب الأمة في عدائه للحكومة فهناك مؤامرة، وعندما تغرق الحكومة في لا مبالاتها وتسيبها فهناك مؤامرة، وعندما يغرق الإعلام في ابتذاله والنيابي في علو صوته وشتائمه فهناك خطة رخيصة محكمة، وعندما يغرق المتدينون في تطرفهم فهناك نية مبيّتة وعندما تغرق السياسة في تدليل المتطرفين المتدينين فهناك قنبلة موقوتة.
هكذا هو الإغراق …
متى نخبز كيكتنا؟
من أكثر ما يثير الانتباه عند الحديث عن العلمانية، الاسم الفلسفي لمفهوم المدنية، هو إصرار الفئة المعارضة على أنها استيراد غربي يراد به غزونا فكرياً في محاولة لفصلنا عن تقاليدنا الخاصة الضاربة في الأعماق.
أولاً، أتساءل: ما المشكلة في استيراد فكر من صنع بشر آخرين إذا كان طيباً ومفيداً لمجتمعنا؟ وثانياً، هل تستحق تقاليدنا العريقة هذا الدفاع المستميت لإبقائها في حالتها «الستاتيكية» الميتة سريرياً؟ عوضاً عن الدفع «بتطبيعها» مع الزمن؟ …
أرانب وأزهار
في بحر عينيها المبحلقتين باستمرار، وكأنها تريد سبر أغوار الدنيا في كل لحظة من حياتها، غرقت طوال يومي، فلم أستطع سوى أن أكتب عن تلك الفكرة التي ألحت بها عيناها طوال اليوم، تأملتها وهي تجالسنا على الغداء، في التاسعة من زهر عمرها، قطعة من قلبي، تكونت في كياني وسرى دمها بعد أن جرى دورته في عروقي. ناظرتها طوال الوقت بطرف عيني، أظافرها الصغيرة غير المستوية ملونة بالوردي الفاقع الملطخ …
النوم من نعم السلام
خابرتني لولوة بصوت منطفئ، كلماتها رتيبة عبر سلك الهاتف، معلقة بالأسلاك مثل غبار هذه الأيام الذي لا يرحم، “خبر زين يا لولوة أرجوك؟”، تمنيت عليها، وبلكنة بحرينية عميقة نعت “الدنيا داكنة هنا” توقفت كلماتي حصى في الحلق، فانطلق حديثها غير مقطوع بخواء المواساة المعتادة في هذه المناسبات.
“القلوب مكسورة” شرعت تقول “أمام عيني، صداقات امتدت عشرين وثلاثين سنة، علاقات ود في الدوام، أسر بأكملها، تسلخت جميعاً بسياط الطائفية. تصدقين؟ أصدقاء …
جنتكم لا أريدها
كنت أرى هذا اليوم يأتي لاهثاً من بعيد، بالصهيل والسليل، كنت أرى غبرته قائمة وظلمته مقبلة لتحول نهاراتنا سواداً قاتماً، كنت بانتظار هذا «البف»، يوم نرتطم بالقاع بذلّ فلا نصعد، تركن كرامتنا جثة هامدة على ذلك السطح البارد العميق. كل يوم أرى «العتمة الباهرة»* حثيثة الخطى، ترتفع كموجة تسونامي قاتلة، أفزع بكل ضعفي الإنساني، أصرخ بكل حبي للحياة، فيقولون العيب في صرختك، فالموجة خير وستغسلنا طهوراً، وها هي بوادرها …